وصف الرحالة الأجانب لعُمان
فــي القــرون الخمســـة الأخــيرة
فــي القــرون الخمســـة الأخــيرة
شأنها شأن أقطار الشرق الأخرى استقطبت عمان العديد من الزائرين الأجانب الذين اختلفت أهدافهم ومقاصدهم فمنهم من كان مغامرا يبحث عن الغرائبيات والأساطير. ومنهم البحارة وقادة السفن. ومنهم من شاقه مشاهدة الصحراء وما يسمعه عنها. ومنهم الجواسيس المكلفون بجمع البيانات والأخبار لصالح حكومات وجهات بعينها. ومنهم رجال السياسة وذو المهام الدبلوماسية من المبعوثين الرسميين. ومنهم أعضاء الكنيسة من المبشرين الذين هدفهم نشر الديانة المسيحية وكثير من هؤلاء كانوا من الأطباء وقد أقاموا مستشفيات ومراكز للعلاج ونظموا قوافل لزيارة المناطق البعيدة لمعالجة الناس من الأمراض ولشرح العقيدة المسيحية لهم وقراءة الإنجيل وبيع وتوزيع كتبه عليهم.
ومنذ القرن الخامس عشر الميلادي وعمان تشهد توافد هؤلاء الرحالة والمغامرين والباحثين عن جديد ما. ومن حسن الحظ أن بعض هؤلاء إن لم يكن أغلبهم قد دونوا مشاهداتهم وملاحظاتهم وتحدثوا عن مهامهم ولقاءاتهم بعامة الناس وبالنخبة ووصفوا الطبيعة ونمط العيش والمدن والقرى والصحراء والجبال والشواطئ وحياة الناس في الحضر والبادية. وهذه الرحلات أصبحت اليوم كتبا لا غنى عنها للباحث في تاريخ المنطقة وشؤونها وقد ترجم بعض هذه الكتب إلى العربية وبقي بعضها في لغاته الأصلية لم يترجم بعد والحاجة تدعو إلى ترجمته ونشره في لغتنا. وقد تضمنت هذه الكتب من الآراء والأحكام ما لا يتفق مع أفكارنا ونظرتنا بل ومع الحقيقة ذاتها في بعض الأحوال سواء في الدين والعقائد أو في التاريخ والشخصيات أو في الاجتماع من حيث العادات والتقاليد والسلوك ومرد ذلك في الغالب إلى المقاييس المغايرة وتفسير الأمور بطريقة أخرى وإلى الجهل وعدم الإلمام الكافي بالأمور كما هي لدينا بحكم النشأة والثقافة المختلفة مما أدى أحيانا إلى تشويه المعلومات وإلى كثير من الخلط والرؤى المضطربة ولا شك أن بعضها مغرض عن عمد وسوء قصد. ومع ذلك فإن معظم ما كتب ينطوي على معلومات مهمة لا تقدر بثمن. وأيا كانت تحفظاتنا على بعض ما ورد في هذه الكتابات أو السياق الذي عالجت به موضوعاتها إلا إننا لا نستطيع سوى الإقرار بالشكر لأولئك الناس إذ لولا تلك المعلومات والبيانات لضاع منا الكثير والكثير حيث لم ندون نحن ولا قومنا سوى أقل القليل من أحداث تلك القرون وشؤونها على أهميتها وخطورتها - وهي التي صنعت تاريخنا الذي نعيشه اليوم - ولكن قبل لوم الذات وتمجيد الآخرين لا بد من الالتفات إلى الظروف الموضوعية التي كانت قائمة يومئذ وما هو حالنا نحن مقارنة بأحوالهم هم الذين كان الأمر في أيديهم وكانت لهم الجمعيات ومعهم المؤسسات تموّل وتقدم الدعم السخي الجزيل ولديهم المعرفة الواسعة التي نجهلها نحن لا أقول في أزمنة سلفت ولكن أقول لا نزال حتى اليوم ربما.
منذ القرن الخامس عشر والتغيرات الكبرى التي حدثت في الدنيا والعالم بأسره ابتداء من سقوط غرناطة والحروب الصليبية وما سمي باكتشاف أميركا ووصول الأوروبيين إلى الهند عبر طريق رأس الرجاء الصالح ثم تنامي القوة البرتغالية واستيلائها بعد الهند وبحرها المحيط على عمان والخليج واليمن وظهور القوى الأوروبية الأخرى المنافسة للبرتغاليين ونهضة العمانيين لمقاومة الاستعمار البرتغالي وقيام دولة اليعاربة وصعود الإنجليز كقوة عظمى مع سقوط البرتغال والثورة الفرنسية الكبرى والتنافس بين الفرنسيين والإنجليز والهولنديين وبروز أميركا بعد استقلالها أمة تجارية عظمى وغزو نابليون لمصر والشرق واستتباب الأمر أخيرا لصالح الإنجليز الذين أنشأوا إمبراطورية بحرية كونية قيل وقتها أن - الشمس لا تغرب عن علمها - استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية قبيل منتصف القرن الماضي عندما سلمت قيادة العالم رسميا لأميركا القوة التي لا تزال متفردة بهذه الزعامة حتى اليوم.
خلال هذه الخمسة قرون كان المغامرون والأطباء والمبشرون والحالمون بالثروة والمسكونون بهاجس الأسطورة وقادة الأساطيل والمبعوثون الرسميون وآخرون ذوو أهداف ومقاصد مختلفة ومتنوعة كل هؤلاء كانوا يتدفقون على الشرق وبلدانه بأسماء وصفات وأشكال متنوعة متخفية ومستترة أو ظاهرة معلنة عن ذاتها. يلبسون لباس العرب ويتزينون بزيهم ويحاكونهم قدر ما تسعفهم المحاكاة لتبدو حالتهم منسجمة مع حالة الجمهور العريض الذي جاءوا لتفحص أحواله. وقد كانت أهدافهم الأولى نحو فلسطين تحت شعار الحج وزيارة المقدسات ثم تطورت فأصبح هدفهم الأبرز زيارة مكة والمدينة باعتبارهما أهم مكانين لدى المسلمين ومنهما يمكن معرفة ما وراءهما من شأن العالم الإسلامي في مشارقه ومغاربه. وكان الطريق الأول لأكثرهم هو مصر وهي كانت نقطة انطلاقهم منها يذهبون وإليها يعودون برا وبحرا بحكم أهميتها الإستراتيجية والجغرافية ومعها العراق والشام وبقية أجزاء جزيرة العرب.
وكانت عمان من ضمن هذه الأقطار العربية التي كانت تتجه إليها الرحلات وقد جاءها المئات من الرحالة منذ بدايات الغزو البرتغالي الذي اكتوت بنيرانه وتجرعت مرارته وحتى الخمسينات من القرن الماضي. جاءها رحالة من البرتغال أثناء فترة احتلالهم وتمكنهم ومنهم من جاء بعد طرد جيوشهم وفي كلتا الحالتين وصفوا ما شاهدوا ولم تكن مشاعرهم واحده في الحالتين ففي الأولى كانوا مبتهجين مفتخرين وفي الثانية كانوا في حزن وألم وقد ترجم البعض مما كتبوه وما زال الأكثر والأهم في لغته. وجاءها أناس من الدنمارك وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وأميركا وفي مقدمة هؤلاء كان الإنجليز وهم الأكثر عددا على اختلاف مهنهم ومهماتهم. ولا أزعم لنفسي هنا القدرة على إحصاء كل الذين زاروا عمان وتركوا وصفا مكتوبا لما رأوه أو فعلوه في هذه القرون الخمسة فذلك فوق طاقتي. وحتى ما تمكنت من مطالعته مما كان تحت نظري وأنا أعد هذه الوريقة من الصعب الوقوف معه مطولا وذلك لتواضع قدراتي في المقام الأول ولأن الظرف لا يتسع لأكثر من وقفات عجلى تومئ ولا تفصل.
وهكذا سأمر سريعا على هذه النماذج التي اخترتها ومنهم رجال دين وقادة أساطيل ودبلوماسيون ورحالة مغامرون.
وسألتزم في العرض التسلسل الزمني والأقدمية محاولا الإيجاز والإختصار وإيضاح ما يمكن إيضاحه بحسب ما يسمح به المقام.
قبيل مجئ البرتغاليين توافد مبعوثوهم وجواسيسهم إلى الشرق لأغراض سياسية ودينية وتجارية وكان من أقدم هؤلاء بدرو دي كوفيلهام» الذي كان يتقن العربية ولغات شرقية أخرى وقد وصل المنطقة عام ٧٨٤١ مع رفيق رحلته دي بايفا» وكان الهدف الأساسي من رحلتهما بالإضافة إلى معرفة التجارة هو التحقق من إمكانية الذهاب إلى الهند مرورا بالبحر الأحمر. وبعد ذلك جاء لود فيكودي فارتيما» الذي يسمى نفسه البولوني ومن الواضح أنه ليس بعيدا عن جهود البرتغاليين لاستكشاف الشرق ومعرفة مكة والعرب والإسلام. كان ذلك تمهيدا لبدء الغزوة البرتغالية. ثم جاء آخرون برفقة الأسطول البرتغالي القادم للسيطرة والإحتلال كمثل تومي بيريز»ودورات باربوسا» اللذان وصلا في حدود 1500 أ وبعدها بقليل وقد ألف كل منهما كتابا مهما عن مشاهداته فقد ذكر بيريز» في كتابه الخليج ووصف بعض دياره ويعد كتاب باربوسا» من الكتابات المهمة والدقيقة في تلك المرحلة الباكرة ومن المدن التي وصفها في الخليج مدينة قريات» العمانية التي قال عنها فيها تجارة مزدهرة ومواد غذائية كثيرة فضلا عن الخيول الممتازة في نوعيتها حيث كان التجار يقومون بشرائها وتصديرها إلى الهند» وتحدث كذلك عن مسقط وعن رأس الخيمة وعن موانئ الخليج الأخرى. وبعد السيطرة البرتغالية على الشواطئ العمانية والخليجية توافد عدد من رحالة البرتغال للتعرف على مستعمراتهم الجديدة ومن هؤلاء الفارز وتنريرو» الذي وصل مسقط 1526 وفي 1587 جاء إلى مسقط بدروتكسيرا» وكان ذلك مع بداية تضعضع البرتغاليين. وقبيل نهاية العهد البرتغالي جاء للمنطقة الأب مانوئيل غودنهو» وكان مجيئه عام 1663 وقد تحدث فيما كتبه بحسرة عن اضمحلال الإمبراطورية البرتغالية. ومن الرحالة الذين جاءوا لعمان في ذلك الوقت المبشر الفرنسي فيليب دور» الذي جاء في 1636 ورأى في مسقط تحصينات هائلة للبرتغاليين وقدم وصفا دقيقا لميناء مسقط وتحصيناته والمدفعية المثبتة فوق الجبل للدفاع عن المدينة كما وصف صحار وقريات وبعض المناطق الأخرى».ثم جاء في 1669 الفرنسي مارتن فرانسوا» وتحدث كشاهد عيان عن المعارك التي يخوضها أهل عمان ضد البرتغاليين والسفن التي يبحرون فيها لهذا الغرض. وفي ما بين 1696 و1699 جاء رحالة آخرون من فرنسا وإيطاليا وهولندا وتحمل كتاباتهم وصفا لسقوط البرتغاليين وتأسيس الدولة اليعربية ودور الإمام ناصر بن مرشد
تحدث الجغرافيون العرب كثيراً عن أدوار عمان على مر التاريخ خاصة فيما يتعلق بالملاحة والتجارة مع الهند والصين وسواحل شرق أفريقيا وبعض جزر المحيط الهندي.
التاجر سليمان في كتابه سلسلة التواريخ يتحدث عن حركة السفن والمراكب التجارية المنطلقة من سيراف وعمان إلى الهند والصين، فيقول: إن أكثر السفن التجارية الصينية تحمل من سيراف، وأن المتاع يحمل من البصرة وعمان وغيرها إلى سيراف، فيعبأ في السفن الصينية هناك، ثم تقلع السفن إلى مسقط، وهو آخر عمل عمان، والمسافة من سيراف إلى مسقط نحو مئتي فرسخ، وفي هذا البحر جبال عمان، حيث يوجد فيها الموضع الذي يسمى الدردور، وهو مضيق بين جبلين، تسلكه السفن الصغار، ولا تسلكه السفن الصينية، وفيها أيضا الجبلان اللذان يقال لهما ( كسير وعوير)، ولا يظهر منهما فوق الماء إلا الجزء اليسير، فإذا جاوزت السفن الجبال تصل إلى ( صحار) وفي العادة فإن السفن ترسوا في مسقط، حيث تتزود بالمياه العذبة، ثم تقلع السفن إلى بلاد الهند، وتمر في طريقها إلى ( كوكم ملي)( الساحل الغربي لبلاد الهند)، وتقطع السفن تلك المسافة في مدة شهر إن كانت الريح معتدلة، وكانت سفن الصين تنقل الحرير إلى بلاد العرب .
ويذكر أبو زيد الحسن السيرافي في كتابه أخبار الهند والصين أن بلاد عمان كانت تشتهر بالربابنة والإدلاء لتزويد المراكب الصينية والهندية والعربية بهم... ويقول مبينا علاقات عمان بجزر الشرق الأقصى: إن في جزيرة كلة( جزيرة في شبه جزر الملايو) مجمع الأمتعة من الأعواد والكافور والصندل والعاج والرصاص والأبنوس ... وتنقل هذه السلع من هذه الجزيرة إلى عمان بالإضافة إلى أن المراكب تجهز بصنوف السلع العربية في طريقها إلى الهند
يتحدث ابن خرداذبة ( ت272هـ 885م) في كتابه المسالك والممالك عن بلاد عمان، يذكر أن خراجها يبلغ ثلاثمئة ألف دينار سنويا، ويؤكد أن التجار يقصدونها في طريقهم إلى الأبلة في جنوب العراق إلى الهند والسند والصين ... أما السلع التي كانوا يجلبونها من بلدان الشرق الأقصى فكانت المسك والعود والكافور .... ثم يعودون في طريقهم إلى أورباء عبر البحر الأحمر وخليج القلزم ومصر
وقال الأصطخري ( ت 340هـ ـ 951م) في كتابه مسالك الممالك: إن ديار العرب لا يشركهم أحد في سكناها، ويحيط بها فارس الذي يمتد من عبدان التي يصب عندها ماء دجلة والفرات في البحر إلى البحرين، وينتهي في عمان... وعمان مستقلة بأهلها كثيرة النخيل والفواكه كالموز والرمان والنبق وغيره، أما قصبة بلاد عمان فهي صحار، تقع على البحر، وبها متاجر البحر، وتقصدها المراكب، وهي أعمر مدينة بعمان، وأكثرها مالا، ولا تكاد تعرف على ساحل البحر بجميع بلاد الإسلام مدينة أكثر عمارة ومالا من صحار... بالإضافة إلى أن بلاد عمان تحتوي على مدن كثيرة ، أما مساحتها فتبلغ ثلاثمئة فرسخ، والمسافة بين عمان والبحرين مسيرة شهر واحد
إن ذلك النص الذي أورده الأصطخري يبين لنا بوضوح الامتداد الطبيعي لعمان، ويكشف لنا أصالة هذه الدولة العمانية، الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.
قال الهمداني (ت 365هـ ـ 975م ) في كتابه ( كتاب البلدان) بأن أرض عمان هي صفوة الأرض من الأرضين، وهي بمنزلة الرأس منها... ويؤكد أن حشوش الدنيا ثلاثة عمان والأبلة وسيراف، وأنها تشتهر بالسمك والقني أي الرماح والنخيل، ويعدد أصناف تمورها الفرض والبلعق والخبوت.
يقول ابن حوقل ( 380هـ ـ 990م) في كتابه ( صورة الأرض) بأن ديار العرب يحيط بها بحر فارس ( الخليج العربي) من عبدان وهو مصب دجلة في البحر، فيمتد إلى البحرين حتى ينتهي إلى عمان، ثم يعطف على سواحل مهرة وحضرموت وعدن، ثم يحدث عن عمان ويؤكد أيضا أنها إقليم مستقل، وأن بها النخيل كثيرة، والفواكه من الموز والرمان، وأنها بلاد حارة، ومع ذلك يسقط على رؤوس بعض جبالها الثلج.
وقسم المقدسي ( ت بعد 390هـ ـ 999م ) في كتابه أحسن التقاسيم الجزيرة العربية إلى أربع كور جبلية واسعة، وأربع نواح نفيسة، أما الكور فهي الحجاز واليمن وعمان وهجر، وأما النواحي فهي الأحقاف والأشحار واليمامة وقرح، ويصف كورة عمان بأنها واسعة ... كلها نخيل وبساتين ، ويستقي أهلها من آبار قريبة، ينزعها البقر، أكثرها في الجبال... وأما قصبة عمان فهي مدينة صحار، ومن مدن عمان نزوى ، والسر، ضنك، حفيت، دبا ( بأقسامها الثلاث)، سلوت، جلفار ( رأس الخيمة)، سمد، بسيا، منحوأوضح الامتداد الجغرافي الطبيعي لعمان، فقد فصل المقدسي في ذكره أسماء مدن وبلدان عمان وقراها.
وعرف تفاصيل المدن العمانية وأدوارها التاريخية، فقد تحدث مثلا عن صحار، فقال إنه ليس على بحر الصين اليوم ( القرن الرابع الهجري) بلد أجل منه، حسن طيب نزه، ذو يسار وتجار وفواكه وخيرات، وهي أيسر من زبيد وصنعا اليمنيتين، بها أسواق عجيبة، وهي بلدة ظريفة، ممتدة على البحر، ودورها مبنية من الآجر والساج، ... ووصفها بقوله: وصحار دهليز الصين، وخزانة الشرق والعراق، ومغوثة اليمن، وبها مسجد جميل يقع على البحر آخر الأسواق، له منارة حسنة طويلة، ومحراب بلولوب يدور فترة، مرة أصفر، ومرة أخضر، وحينا أحمر
إن ذلك الوصف الدقيق يدل دلالة واضحة على مدى التقدم الذي شهدته عمان في مختلف المجالات، ومن خلال وصف المسجد ومنارته ومحرابه وتبدل أضوائه من لون إلى آخر يتجلى الحس الفني الذي بلغه أهل عمان، والعناية الفائقة بالجوامع والمساجد، وقد عرفوا ذلك منذ القرن الرابع الهجري .
ولم يزل المقدسي يتحدث عن عمان وجغرافيتها ومدنها، فيذكر مدينة نزوى، بأنها تقع في الجبال، وأنها مدينة كبيرة، بيوتها من الطين، ويقع جامعها في وسط السوق، ويشرب سكانها من أنهار وآبار، وإذا غلب الوادي في الشتاء دخل إلى الجامع.
ويتحدث عن أرض السر، وأنها أصغر من نزوى، تلتف حولها أشجار النخيل، ويقع جامعها وسط السوق، ويشرب أهلها من آبار وأنهار.
ويصف مدينة ضنك، وأن النخيل بها أقل، بينما حفيت كثيرة النخيل، والجامع وسط السوق، ثم يحدثنا عن سلوت، وأنها تقع يسار نزوى، وأما دبا وجلفار فهما من نحو بلاد هجر.
ويتحدث عن مسقط، فيقول بأنها أول ما يستقبل المراكب اليمنية ( وقد رأيته موضعا حسنا، كثير الفواكه) أما مدينة توام ( البريمي التاريخية) فيقول غلب عليها قوم من قريش، فيهم بأس وشدة.
ويقول التجارة بالجزيرة مفيدة، لأن فيها فرضتي الدنيا وسوق منى، والبحر المتصل بالصين، وجدة والجار خزانتي مصر، ووادي القرى مطرح الشام والعراق، واليمن معدن العصائب والعقيق والأدم، فإلى عمان يخرج آلات الصيادلة والعطر كله حتى المسك والزعفران والبقم والساج والسمسم والعاج واللؤلؤ والديباج والجزع واليواقيت والأبنوس، والنارجيل والقند والأسكندروس والصبر والحديد والرصاص والخيزران والغضار والصندل والبلور والفلفل
أما الرحالة ناصر خسرو ( ت481هـ ـ 1088م) في كتابه ( سفر نامة) إذا سافر المسافر جنوب الحسا يبلغها، وهي في بلاد العرب، وثلاثة جوانب فيها صحراء لا يمكن اجتيازها، وهي حارة الجو، يكثر فيها الجوز الهندي، المسمى نارجيل، وإلى الجنوب من عمان عدن، وإلى الشرق منها عبر البحر تقع جزيرتا كيش ومكران
ويتحدث أبو عبيد البكري ( ت487هـ ـ 1094م) في كتابه ( جزيرة العرب ) عن عمان وموقعها ومدنها، فيذكر ظفار، وأنها منازل العرب العاربة، ودار الملوك، وأن بها السيوف والثياب من القصب، والسعيدي والوشي والمغمر والحبر والبرود والأردية والعنبر والجزع والعقيق والبخت والإبل المهرية والخيل العراب، ويؤكد أن ببلاد عمان مغاوص اللؤلؤ، ويتقاضى الغواصون عن كل يوم من قيراط إلى نصف درهم، ولؤلؤ مغاص عمان جيد، وبعض حباته تباع بعشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف دينار
ويتحدث البكري عن مدن عمانية ومنها مسقط، تقع على ساحل البحر، وهي مدينة حصينة، يحيط بها جبل فيه مياه سائحة، أجريت إلى المدينة، وهي كثيرة النخيل، والبساتين وضروب الفواكه، وطعام أهلها الحنطة والشعير والأرز، ثم يتحدث عن نزوى وصحار وصحم.
يذكر البكري أن خراج عمان ثمانون ألف دينار سنويا، ومنها يمكن السفر إلى سواحل الجزيرة العربية وأفريقيا والهند والصين، وبسبب ثراء أهلها فقد أهدى حاكم عمان بعد عام 420هـ إلى الكعبة محاريب فضية، زنة المحراب أزيد من القنطار، وقناديل فضية متقنة الصنع، وقد سمرت المحاريب في جوف الكعبة مما يقابل بابها
تحدث ياقوت الحموي (ت626هـ ـ 1228م) في كتابه معجم البلدان عن عمان: عُمان بضم أوله وتخفيف ثانيه وآخره نون اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند، وعمان في الإقليم الأول 74 درجة، و30 دقيقة، وعرضها 19 درجة و45 دقيقة. ثم قال إنها تشتمل على بلدان كثيرة ذات نخيل وزروع، وقصبة عمان صحار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إني لأعلم أرضا من أرض العرب، يقال لها عمان، على شاطئ البحر، الحجة منها أفضل أو خير من حجتين من غيرها) ثم تحدث الحموي عن صحار يقول: صحار قصبة عمان مما يلي الجبل، وذكر مسقط على ساحل البحر، وعرج على ذكر مدينة قلهات، تقع على ساحل البحر، إليها ترفأ سفن الهند، وهي مدينة ليست بالقديمة في العمارة، ويرى ياقوت الحموي أنها تمصرت بعد عام 500هـ، وهي من أشهر مدن عمان، فرضة بلاد عمان على المحيط الهندي وبحر العرب
ويذكر مدينة أخرى عمانية، وهي مدينة جلفار ( رأس الخيمة) فيقول: بلد بعمان، عامر، كثير الغنم والجبن والسمن، يجلب منها إلى ما يجاورها، ثم يذكر من قرى عمان ( كلبا) أو ( كلبة) ثم خور فكان بليدة على ساحل عمان، يحول بينها وبين البحر الأعظم جبل، وبها نخيل وعيون
ولم يغفل ذكر مذهب أهلها فقال: وأكثر أهل عمان إباضية، ليس بها من غير هذا المذهب إلا طارئ غريب.
أما الدمشقي ( ت727هـ ـ 1326م) فقد قال في كتابه ( نخبة الدهر في عجائب البر والبحر) أن عمان تقع في ساحل بحر الهند، وتشتهر بالنخيل والمز والرمان، وقصبتها صحار، ثم تخربت، فكانت قلهات، فأصبحت فرضة بلاد عمان، ومن مدنها صور، ومسقط، وأدم وهي مدينة برية مسورة، ومدينة منح، وهي مدينة مسورة، تجري إليها مياه من المرتفعات المجاورة، ومدينة نزوى وتقع في واد بين جبلين، وقلعة بهلا الواقعة على رأس جبل ممتنع، وجلفار ( رأس الخيمة)
وقال الحميري (ق8هـ) عن عمان في كتابه ( الروض المعطار في خير الأقطار) إنها بلاد مستقلة بذاتها، عامرة بأهلها، كثيرة النخيل، والفواكه والموز والرمان والتين والعنب، وتعرض في حديثه لمدن عمانية منها مسقط، يمر عليها من أراد الهند والصين، فيسير مع الشمال تلقاء الجنوب، حتى يصل مسقط، وتقع مسقط بين جبلين، ترسو فيها السفن، ويستقي أهلها من آبار عذبة، وتحمل تلك السفن الحجارة من مسقط لرمي العدو، إذا خرج عليها، وتبعد عن شحر حضرموت مسافة تسعين فرسخا.
لعل فيما مضى مما سطره الجغرافيون والمؤرخون منذ القرون الهجرية الأولى من غير أهل عمان ما يجعلنا نفسر سبب تلك المكانة السامقة لعمان، وذلك التأثير الفاعل في صناعة الأحداث، فموقعها الجغرافي الإستراتيجي، وطبيعتها المتنوعة البحرية والسهلية والجبلية، وممارسة أهلها البحار والملاحة مكنها من إقامة علاقات واسعة مع الهند والصين والعراق وأفريقيا وغيرها من الأقطار.
لم يغفل من كتب عن عمان الإشارة إلى مدن عمانية كثيرة كانت لها أدوار حضارية ثقافية وتجارية واقتصادية، ساهمت في رخاء الأمم والشعوب.
في سنة 1693 م زار مسقط الرحالة البريطاني
(جون اوفينجتون) وكان معجبا بأخلاق اهل عمان فقال قيهم
(هؤلاء العرب مهذبون جدا في تصرفاتهم وفي غاية اللطف
الى كل الغرباء فلا اذى ولا إهانة يمكن ان تصدر منهم
لأي احد ومع انهم معجبون بدينهم ومتمسكوون
بمبادئهم فإنهم لايفرضونها على احد
وبإمكان المرء ان يسافر مئات الاميال
في هذة البلاد دون ان يواجة اي كلام
مسيء او اي سلوك قد يبدوا وقحا
وايضا زار الصحفي و المؤلف الانجليزي (جيمس) سيلك بكنغهام مسقط
في ديسمبر من سنة 1816 م وقال فيها(( من الخصائص العظيمة والمميزة
لمسقط عن كل بلاد العرب هو مايبدية سكانها بكل مراتبهم الى الاوروبين
من احترام ولطف
هنا يمكن للغريب ان يذهب حرا حيث يريد؟
وهنا اعجب كثيرا بقيم التسامح لدى العمانين وقال يجب ان تعزى
الى النزعة المسالمة للناس لا تميز الشرطة فيها ؟
تعد محافظة الداخلية بموقعها وطبوغرافيتها بمثابة العمق الاستراتيجي للسلطنة.تم رفع مستواها الإداري إلى محافظة مع باقي مناطق السلطنة في مرسوم سلطاني رقم 114/2011 يوجد بها ثمان ولايات اشهرها ولاية نزوى مركز المحافظة وعاصمة عمان ومركز الإشعاع العلمي والثقافي للبلد قديما.وتضم محافظة الداخلية العديد من المواقع التراثية والمناظر الخلابه حيث تم في الاونة الأخيرة فتح كهف الهوته وهو ثاني أكبر كهف في دول الخليج وبه العديد من الأشياء الغريبه مثل السمك الذي لا يرى. في الضوء. الولايات التابعة لمحافظة الداخلية ولاية نزوى ولاية بهلا ولاية سمائل ولاية ادم ولاية ازكي ولاية منح ولاية بدبد ولاية الحمراء